بين الشغور المستمر في قصر بعبدا والتخويف المتواصل من داعش والنصرة يحتار المسيحيون في لبنان ماذا يفعلون؟هل يهاجرون؟هل يطلبون الحماية من طوائف أخرى؟هل يعيشون كأهل ذمة؟أم هل يقاومون؟
لقد كان اللبنانيون المسيحيون من أكثر المواطنين تمسكاً بالدولة ومؤسساتها منذ أن نال لبنان استقلاله عن فرنسا وكانوا من الذين يتباهون بأنهم حجر الزاوية في بناء هذا الوطن اقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وديمقراطياً حتى وصل الأمر إلى حد القول بأن غياب العنصر المسيحي عن هذا الوطن يفقده صيغته الفريدة ودوره كرسالة في المنطقة.
قد تكون هذه الصورة عن اللبنانيين المسيحيين فقدت الكثير من بريقها ليس لأن الطوائف اللبنانية الأخرى قد أصبحت أكثر قوة ونفوذاً بفعل السلاح والمال والتسويات،بل لأن لبنانيين مسيحيين تخلوا عن مسلمات ومبادىء طالما نادوا بها وقاتلوا من أجلها.
لقد تخلى لبنانيون مسيحيون عن الدولة كعنصر وحيد يفرض سيادته على الأرض اللبنانية ويحق له وحده فقط حمل السلاح حتى أن كثيرين منهم إنخرطوا في حملة التشكيك بأن الجيش غير قادر على ضمان الأمن في لبنان فاستبدلوه بميليشيا من هنا وهناك يستجدون منها حماية مرهونة بثمن سياسي.
لقد تخلى لبنانيون مسيحيون عن وجود رأس الدولة المسيحي تحت شعارات متعددة وهم يدركون تمام الإدراك أن هذه الشعارات صعبة التحقيق،ورغم ذلك أمعنوا في الشغور وفي تبريره مروجين أنه السبيل الوحيد للوصول إلى رئيس قوي.
لقد تخلى لبنانيون مسيحيون عن الريادة في القيادة السياسية فأصبحوا ملحقين بهذا الطرف السياسي أو ذاك،إن تمردوا دفعوا الثمن وإن سايروا هاجموا بعضهم البعض و كان لهم من جنة الحكم ما قل حتى ولو تباهوا بعدد المقاعد الوزارية والنيابية.
كل هذا التخلي يوصل بالفعل إلى تخلي لبنانيين مسيحيين عن الدولة عن قصد أو عن إهمال وهم يدركون في قرارة نفسهم أن زمن ميليشياتهم قد ولى وأن زمن الأم الحنون قد رحل وأن زمن الحمايات الطائفية لن تبقيهم بمنأى عن العاصفة بل ستزجهم في أتونها.وحدها المقاومة السليمة لأجل بناء الدولة القوية القادرة هي سبيل إنقاذ اللبنانيين المسيحيين ولبنان. بسّام ابو زيد
***يمكنكم التواصل مع الزميل بسام ابو زيد عبرBassamAbouZeid